الحكومة الجديدة

كتب حسين علي الحمداني: بعد انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج نترقب تشكيل الحكومة المقبلة، التي يرى الكثير إنها تتشكل وفق السياقات السابقة والمعتادة من قبل المتابع للشأن العراقي عبر حكومة ائتلافية توافقية، وهذه الطريقة في تشكيل الحكومات العراقية بعد مرحلة النظام الشمولي لها أسبابها وفي مقدمتها الدستور، الذي وضع مفاتيح تشكيل الحكومة عبر منصب رئيس الجمهورية، الذي اشترط غالبية الثلثين من أعضاء البرلمان العراقي في جلسة التصويت لهذا المنصب السيادي.
وبالتالي فإن نتائج الانتخابات وتوزيع المقاعد لم تفرز كتلة كبيرة تمتلك هذه الأغلبية المطلقة، بل يتطلب الأمر مجموعة تحالفات قد تمتد خارطتها على مجمل الكتل والأحزاب التي نالت مقاعد في البرلمان، وهذا الأمر بحد ذاته يحتاج لتوافقات كبيرة جداً، خاصة إذا ما عرفنا إن من أولى مهام رئيس الجمهورية المنتخب، تتمثل بتكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي إن بوابة تشكيل الحكومة تبدأ من منصب رئيس الجمهورية حصراً، وهذا بحد ذاته يحتاج كما أشرنا لتوافقات من أجل جمع ثلثي مقاعد البرلمان العراقي، وهو الأمر الذي يجعل سمة الحكومات العراقية تشاركية بين القوى السياسية الممثلة لمكونات الشعب العراقي، بما يجعل المسؤولية مشتركة بين الجميع سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية.
ومع هذا نجد أن الحكومة المقبلة، قد تتشكل بسرعة أكبر من الحكومات السابقة لعدة أسباب، في مقدمتها عامل الخبرة لدى رؤساء الكتل في إدارة مفاوضات ما بعد إعلان النتائج، واختصار الوقت من أجل الالتزام بالتوقيتات الدستورية وعدم تجاوزها، وهذا ما يتمناه المواطن العراقي في هذه المرحلة.
العامل الثاني الذي من شأنه أن يؤدي إلى تشكيل سريع للحكومة المقبلة يكمن في الوضع الإقليمي والدولي الذي يتطلب وجود حكومة بصلاحيات كاملة، وليست حكومة تصريف أعمال لفترة طويلة وهذه الحالة تشعر بها القوى السياسية وفي مقدمتها الإطار التنسيقي بمقاعده التي قد تتجاوز 180 مقعداً في الجلسة الأولى، ويمثل الكتلة الأكبر في البرلمان، وهو الأمر الذي يجعله قادراً على تحقيق تحالفات سريعة مع القوى السياسية الأخرى بسرعة أكبر مما يعتقد البعض، في ظل ما أشرنا إليه من تراكم الخبرة من جهة، ومن جهة ثانية تشكيل حكومة قوية قادرة على إدارة شؤون العراق في هذه المرحلة، خاصة أن العراق سياسياً نجح في تجاوز مرحلة مهمة في السنوات الماضية، وحقق إنجازات كبيرة داخلياً وعلاقات خارجية متطورة، مما يعني هنالك أسس قوية موجودة الآن يمكن الارتكاز عليها، مضافاً لذلك نسبة التصويت الجيدة في الانتخابات الأخيرة، يجب أن تكون حافزاً كبيراً للقوى السياسية كافة أن تكون على قدر المسؤولية، التي ألقيت على عاتقها من قبل الشعب العراقي.
لهذا نجد هنالك تفاؤلاً في الشارع العراقي بتشكيل الحكومة القادمة وفق التوقيتات الدستورية، وتنفيذ البرنامج الحكومي.



