
كتب علي الخفاجي: قبل أيام تناولت وسائل الإعلام مقارنات للفعاليات النيابية خلال الدورة الحالية، حيث تم إعداد جداول تتضمن أكثر النواب مشاركة في النقاشات داخل أروقة مجلس النواب، وأقل النواب مشاركة وفعالية، وأكثرهم غياباً، والكثير من التفصيلات التي ميزت بين النائب الحقيقي والنائب المزيف على حد تعبير المرصد النيابي.
الحديث عن النظام الداخلي لمجلس النواب، والذي أشار في إحدى فقراته إلى إلزام النائب بحضور اجتماعات مجلس النواب ولجانه، ولا يجوز التغيب إلا بعذر مشروع، الأمر الذي جعل التشريعات معطلة وبالتالي أضر بالمصلحة العامة التي تمس حياة المواطنين.
الغيابات المتكررة لكثير من النواب جعلت النصاب القانوني للمجلس مختلاً وغير مكتمل، الأمر الذي تسبب بضعف الأداء الرقابي والتشريعي، حيث بيّن أحد أعضاء مجلس النواب، أن مئةً وخمسين نائباً تكررت غياباتهم وبشكل متواصل منذ أكثر من سنة، الأمر الذي أدى إلى إخلال النصاب القانوني لانعقاد جلسات المجلس.
الفرق بين معارضة القوانين، وخصوصاً الجوهرية منها، وبين عدم الاقتناع بتشريعها هو فرق جوهري، حيث ينبغي على أعضاء البرلمان العمل على تعديل تلك القوانين التي يرونها لا تتلاءم مع المصلحة العامة، لا مقاطعة جلسات البرلمان.
الخلافات السياسية وانعدام الثقة بين الكتل السياسية، أديا إلى عدم المقدرة على عقد الجلسات واكتمال النصاب، الأمر الذي يعد مؤشراً خطيراً يستدعي الوقوف على مثل هكذا أمور، لأنه بالتالي سيضر بمصلحة المواطن.
منذ أكثر من شهر والبرلمان معطل لأسباب عديدة، لعل أهمها انشغال أعضاء المجلس بالترويج للحملات الانتخابية المقبلة في محاولة منهم لكسب أكبر قدر ممكن من الناخبين، ولعل الضوابط والقوانين قاصرة عن منع أو الحد من مثل هكذا خروقات، حيث إن مجلس النواب يُعد المقصر الأول كونه هو من يضع التشريعات، بالإضافة إلى دوره الرقابي على جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها، ومن ضمنها مجلس النواب نفسه.
عندما تتداخل المصلحة الشخصية مع المصالح العامة، هنا يجب أن نتوقف كثيراً ونشخص الأخطاء وأن نضع لها حداً كي لا تتكرر مستقبلاً، ونحن على أعتاب الانتخابات البرلمانية، والتي من المقرر لها أن تُجرى في 11 تشرين الثاني، يجب على البرلمان القادم تصحيح الأخطاء التي شُخصت من ذي قبل، من حيث عدم الحضور، وعدم الفاعلية في تشريع القوانين، وعدم مراقبة المؤسسات والدوائر.
ويتم ذلك بتصحيح بعض فقرات النظام الداخلي لمجلس النواب، والتشديد على حضور النواب، وفرض عقوبات صارمة على المتغيبين على غرار القوانين التي تضبط السلوك البرلماني، باعتبار أعضاء مجلس النواب ممثلين منتخبين لهم حقوق وعليهم واجبات، وبالتالي ضرورة العمل بمبدأ الثواب والعقاب وفقاً لقانون مجلس النواب رقم (13) لسنة 2018، لأن مثل هكذا إجراءات ستعمل على إضفاء الطمأنينة بالنسبة للمواطنين، وبالتالي السير بمجلس النواب إلى جادة الصواب.


