
كتب محمد علي الحيدري: تُعد الجمعية العامة للأمم المتحدة الهيئة التمثيلية الأوسع في النظام الدولي، حيث تضم جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة، وتتمتع بقدرة فريدة على منح الشرعية السياسية للقضايا الدولية. ومع ذلك، يكشف تقييم أدائها عن فجوة بين الطموحات الهيكلية وواقع الفعالية التنفيذية.
تعاني الجمعية العامة من تحديات بنيوية تؤثر في قدرتها على اتخاذ قرارات فعّالة. فبينما يخولها ميثاق الأمم المتحدة مناقشة أي مسألة تتعلق بالسلام والأمن الدوليين، فإن قراراتها غالبًا لا تُلزم الدول الأعضاء، وغياب آليات تنفيذ ملزمة يجعل دورها في معالجة الأزمات محدودًا في كثير من الحالات.ظهرت على مدى العقود دعوات لإصلاح الجمعية العامة لتعزيز فعاليتها. تشمل هذه الإصلاحات اقتراحات بتعديل آلية التصويت، مثل اعتماد نظام وزني يعكس التفاوت في حجم وتأثير الدول الأعضاء، بالإضافة إلى تعزيز دور الجمعية في مجالات التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، من خلال تنسيق أوثق مع الوكالات الأممية المتخصصة وتحديد أولويات واضحة وملموسة للتنمية.على الرغم من هذه المقترحات، تظل التحديات السياسية قائمة، إذ تؤثر اختلاف مصالح الدول الأعضاء واستخدام حق النقض في مجلس الأمن على قدرة الجمعية على معالجة القضايا الدولية بفعالية. كما أن التحولات في النظام الدولي، بما في ذلك صعود قوى جديدة وتغير موازين القوى، تضيف ضغوطًا إضافية على فعالية الجمعية العامة وتضع حدودًا لقدرتها على فرض القرارات.
يبقى تقييم الجمعية العامة للأمم المتحدة معقدًا: فهي منصة فريدة للتشاور وإضفاء الشرعية على القضايا الدولية، لكنها مقيدة بالهيكل السياسي الدولي، ويحتاج تحقيق دورها الفعلي إلى إرادة سياسية قوية وتعاونًا وثيقًا بين الأجهزة الأممية. إن إصلاح هذه الهيئة وتعزيز فعاليتها يمثل ضرورة لضمان قدرتها على مواجهة التحديات المعاصرة وتحقيق أهداف الأمم المتحدة في حفظ السلام والتنمية المستدامة



