
كتب علي الحسني: لقد أعلن الرئيس الأميركي قبل أيام قرب التوصل إلى اتفاق بين غزة والكيان المجرم، وفعلاً هذا الذي حصل لكن لا يمكن أن يثق أحد بوعود الكيان الصهيوني وبما يقوله، فهو يخرق الهدنة في كل اتفاق ومتى أراد ذلك، وغزة نفسها تشهد وكذلك لبنان، فلطالما نقض نتنياهو عهوده ومواثيقه ولم يلتزم بما يتفق به أبداً.
لكن نتمنى في هذه المرة أن يستمر هذا الاتفاق بين الطرفين، ولا يكون خدعة من خدع الرئيس الأميركي ترامب الراعي له، وعلى كل حال وكما تعودنا تخرج المقاومة الفلسطينية منتصرة، كما في الاتفاقات السابقة على الرغم من خسارة قادة الصف الأول.
فلم يتمكن الكيان المجرم من تحرير أسير واحد، ولم يتمكن من تهجير سكان غزة، ولم يقض على المقاومة، بل غزة وشعبها ومقاومتها جسدوا أروع صور الصمود والشجاعة، وما زالت المقاومة تحتفظ بقوتها، رغم الخسائر المتعارف عليها في الحروب، أما جيش الكيان فسيخرج من غزة مهزوماً مدحوراً، وقد تكبد خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات والأموال، ولو كان هنالك أمل بانتصار جيش الكيان المهزوم لما لجأ نتنياهو إلى هذا الاتفاق بالإضافة إلى انهيار أسطورة المكان الآمن والقبة الحديدية التي لا تقهر.
أما الخشية من عدم التزام نتنياهو بالاتفاق بعد تسليم الأسرى وعودته إلى الحرب، كما في المرات السابقة فنقول إن هذا الأمر وارد، وليس ببعيد، وإن حصل فهذا يعني انهيار صورة الولايات المتحدة الأميركية بشكل كامل أمام العالم؛ لأنها هي الضامن لهذا الاتفاق، ولن يثق بها أحد بعد اليوم إذا لم يلتزم الكيان به.
كما أن ورقة الأسرى لم تعد الورقة الرابحة؛ لأن نتنياهو تركهم يواجهون مصيرهم، فتسليمهم أو الإبقاء عليهم لا يشكل فرقاً بالمعادلة العسكرية، بل تسليمهم فيه إسقاط لكل ذرائع العدو المجرم. كما يُخشى من أن يكون هذا الاتفاق هو تمهيد لفتح جبهة جديدة يحضر لها الكيان الصهيوني، فالاستعدادات العسكرية بين الجمهورية الإسلامية وحلفائها من جهة وبين الكيان المجرم ومن خلفه من جهة أخرى استعدادات كبيرة تشير إلى حصول مواجهة شرسة في المنطقة، لكن هل سيكون في هذه المواجهة كل جبهة على حدة، كما حصل في المواجهات السابقة؟ وإذا كان الأمر هكذا، فالجبهة اللبنانية هي الأقرب؛ لأنها هي الوحيدة التي تخوض حرباً برية فالقطعات التي تنسحب من غزة تذهب بعد تأهيلها إلى الحدود اللبنانية استعداداً للمواجهة.
أم ستكون هذه هي الحرب الكبرى التي ستشمل كل محور المقاومة من طهران إلى صنعاء؟ وهذه المواجهة إن وقعت، فالكيان ومن خلفه يحتاج إلى كل القوات العسكرية بمختلف صنوفها براً وجواً وبحراً، كما أن الكيان لا يستطيع خوض مثل هذه الحرب لوحده، بل لا بد من التدخل الأميركي المباشر فيها، فنتنياهو يريد تقسيم المنطقة على وفق أهوائه، ولم يراع في هذا حتى الصديق، وقد شاهدنا كيف اعتدى الكيان على الدوحة وهي الحليف الأول للولايات المتحدة في المنطقة، وعلى أرضها واحدة من أهم القواعد الأميركية، لكن لم يشفع لها ذلك ولم تجد قطر من يدافع عنها، فعلى الجميع الحذر من مكر هذا العدو المجرم، ويجب على كل دولة أن تستعد للقادم، فلربما كانت هي الهدف المقبل للكيان الصهيوني