
كتب محمد علي الحيدري: في ظل الاضطراب السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، يطلّ الاتفاق الأمني المرتقب بين دمشق وتل أبيب بوساطة أميركية، ليُسوَّق باعتباره خطوة نحو الاستقرار. لكن الاستقرار الذي لا يعيد الأرض المحتلة ليس سوى هدنة مؤقتة قد تنفجر في أي لحظة.
مرتفعات الجولان المحتلة منذ عام 1967 تبقى السؤال المركزي الذي لا يملك أي اتفاق تجاوزه. فحين يُطرح اتفاق لا يتحدث بوضوح عن استعادة الجولان، ولا عن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، يصبح كل حديث عن السيادة منقوصًا، وكل حديث عن السلام مؤجلاً.
والأخطر أن الاتفاق لا يقتصر أثره في الداخل السوري. إذ يُخشى أن يشكل ضربة غير مباشرة لغزة، التي تستمد جزءاً من قوتها من وجود سندٍ إقليمي صامد. فإذا ما انكفأت دمشق إلى تسويات حدودية مع إسرائيل، فقد تجد الفصائل الفلسطينية نفسها معزولة أكثر، ومقيّدة الحركة على الأرض السورية. عندها سيكون الثمن غالياً.
إن سوريا الجديدة، مهما كانت احتياجاتها الاقتصادية، لا تستطيع أن تبني شرعيتها بالتنازل عن ثوابتها. أي حكومة انتقالية تتجاهل ملف الاحتلال ستخسر ثقة شعبها، وستعطي لإسرائيل مكسباً استراتيجياً طالما عجزت عنه الحروب.
لذلك، ليس السؤال: هل يوقف الاتفاق الغارات الإسرائيلية؟ بل السؤال الحقيقي: هل يعيد الأرض؟ هل يحفظ حق الشعب السوري في الجولان؟ وهل يضع فلسطين في قلب المعادلة، أم يخرجها من الحسابات؟.
الاستقرار لا يُشترى بتأجيل التحرير. وأي مسار لا يعيد الأرض، ولا ينصف غزة، ليس سوى وصفة لأزمات أكبر في المستقبل.