
كتب طالب سعدون.. عاد الرئيس ترامب من رحلته إلى الخليج (بصيد وفير) و(حمل ثقيل) لم يخطر ببال أي رئيس امريكي قبله وربما بعده، وقد يكون في العالم كله ايضا أن يعود محملا بهذه (الطرائد) المهمة، التي قد تنقذ الاقتصاد الامريكي من احتمالات مخاطر ركود بنسبة كبيرة أو تراجع في الايرادات في ظروف جيوسياسية معقدة وعالم مضطرب وتنافس امريكي صيني محموم، وتوقع حرب تجارية بدأت أوارها في بداية ولايته الثانية.
وقد تشتد ويتأثر بها العالم اجمع وتكتوي بها الدول الفقيرة بالدرجة الاولى جراء ارتفاع الاسعار وتشمل حتى المستهلك الاميركي بآثارها الضارة ايضا.
جولة لم تستغرق وقتا طويلا عاد منها ترامب (بعقود وعهود) طويلة الأمد وفورية وبطائرة هدية، نفى أن تكون شخصية بل لوزارة الدفاع الاميركية ووصفت الطائرة بانها (قصر طائر) وأثمن هدية تتلقاها الحكومة الامريكية.
حصيلة تجاوزت ثلاثة ترليونات دولار عاد بها من رحلته الخليجية، منتشيا فخورا (بصيده الثمين) ونصره (المبين)، قد تساعده في تحقيق وعوده، التي وعد بها الناخب الامريكي وترجمها في المائة يوم الاولى من حكمه الثاني، بأوامر وقرارات وتصريحات ووعود اقتصادية وجغرافية تعيد رسم الخرائط وتغير قواعد السوق والتجارة والسياسة. اسئلة كثيرة اجابتها ليست فورية بل في قادم الأيام.
من حق ترامب من موقع الرئيس ومهنة رجل الاعمال ـ وصانع الصفقات أن يصف رحلته في محطته الاولى ـ الرياض بالتاريخية، وكيف لا تكون بهذا الوصف وهي بهذه الارقام من العقود والعهود!.
فقد وقعت فيها صفقة مبيعات دفاعية وصفت بالأكبر في التاريخ بقيمة 142 مليار دولار في سلسلة طويلة من الاستثمارات السعودية تصل إلى 600 مليار في مرحلته الأولى، ويمكن ان تصعد وتصل إلى ترليون في المدة المقبلة.
وفي قطر وقع اتفاقية تسهم في تعزيز التبادل الاقتصادي بقيمة لا تقل عن (1.2) ترليون دولار، وصفقات تزيد قيمتها عن (243.5) مليار دولار بين امريكا وقطر، وصفقة وصفت أيضا بالتاريخية والقياسية حسب وصفه ايضا لبيع طائرات بوينغ ومحركات جنرال الكترك للطيران إلى الخطوط الجوية القطرية بقيمة 200 مليار دولار، يمكن ان تدعم 154 الف وظيفة سنويا بإجمالي اكثر من مليون وظيفة في الولايات المتحدة، خلال فترة انتاج وتسليم هذه الصفقة حسب وصف البيت الابيض.
وفي الامارات وُقعت اتفاقيات أميركية إماراتية بقيمة 200 مليار دولار وتعهّد اماراتي باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات العشر المقبلة.
جولة ترليونية حصد فيها ترامب ما لم يحلم به أي رئيس، ما جعل أن يصف نفسه مازحا في اجتماع حوار الاعمال الاماراتي الاميركي انه (رئيس يتقن البيع) استطاع ان يحصل على عقود وعهود تشير إلى نجاح الجولة في الجانب الاقتصادي بين الطرفين الخليجي والامريكي، ولكن هل يمكن أن تتحول هذه الارقام الفلكية إلى واقع على الارض؟، وهل هناك سوابق لها تؤكدها أو تنفيها؟ في ظل ظروف العالم المتغيرة والتقلبات الاقتصادية والسياسية ووضع النفط واسعاره التي تتأرجح بين مد وجزر وموازنات دول تعتمد عليه في الوفاء بالتزاماتها الداخلية مع مواطنيها أو تعجز عن الوفاء بها؟.
ومع كل الاحتمالات بما فيها نجاح الجولة اقتصاديا وستؤتي اكلها حسب الارقام التي أعلنت، لكنها جاءت خارج الاماني والتصريحات والتحليلات التي سبقتها فيما يتعلق بقضية غزة، كانت التوقعات انها ستحظى بقرارات لفك الحصار عنها وادخال المواد الانسانية وانهاء العدوان واعادة الاسرى وحق الفلسطيني بدولة على ارضه، فكان العكس، غزة كانت خارج الحسابات ونتنياهو اكثر تشددا وصعد المواجهة أكثر، ليزيد من اعداد الضحايا من الشهداء والجرحى من الاطفال والشيوخ والنساء وتشديد الحصار والتجويع.
يبدو أن المال والاقتصاد والصفقات والتريليونات هي هدف الجولة وعنوانها وغزة كانت المنسية، واذا غابت غزة عنها فإنها حاضرة في ضمير شعب فلسطين وهو املها ورصيدها. وكان الله في عون غزة وأهلها والنصر حليفها مهما كانت التضحيات وطال الزمن ام قصر.