مقالات
أخر الأخبار

العرب بين الذمّة والهمّة والقمّة

كتب هاني عاشور.. في بغداد سيجتمع زعماء العرب بعد يومين، وفي ذَّمّة الزعماء شعوب وأراض وثروات لأمّة تغوص في أعماق التاريخ، ومن همّتم نستشرف المستقبل والأمان والضمان، فإذا كانت القمّة فإن عيون العرب تنظر اليهم كما تنتظر هلال العيد، أو أفق الانفراج وحلم هيبة أمَة.

وينظر العرب وينتظرون سقف المبادئ العليا التي تربوا عليها وتغذوها جيلا بعد جيل، والسؤال الاكبر. ماذا ينتج عن هذه القمّة، وكيف سيعيد الزعماء همّة أمّة انطلاقا من هَّمتهم لصناعة مستقبل جديد، فربما يكون في هذا الوقت بالذات من تاريخ العالم للاقتصاد دور في حياة الأمم، ونبحث كما تبحث الأمم الأخرى، عن مكانها ومكانتها في مستقبل العالم الجديد، ويحدثنا التاريخ القريب ان امّة الثروات كادت ان تكون بلا ثروات قياسا بدول وأمم اخرى لا تمتلك ايّة ثروات لكنها تقدمت في مصاف الدول الكبرى واحتلت موقعا متقدما في اقتصادات العالم.

هذا السؤال يتأرجح في عقول العرب، هل إلى اكتفاء عربي من سبيل، يتساوى فيه أغنياء العرب مع فقرائهم تحت عنوان الأخوة العربية، فيهب من يملك لمن لا يملك، أو تنهض سياسة اقتصادية عربية جديدة على أساس المقايضة بين الثروات أو بين الخبرات والثروات، فيكون للاقتصاد مصير مشترك كما تعلم العرب من دروس البلاغة والاعلام العربي عبر عقود من الزمن.

ببساطة ما بين العرب ودول اخرى اجنبية موازين تبادل تجاري تفوق عشرات وربما مئات المرات ما بين الدول العربية نفسها، لكن ( شمخرة ) العرب على بعضهم، وما تحمله بعض القلوب السياسية من ترسبات تمنع هذا التعاون الذي هو اساس نهوض أية أمة من الأمم.

وبلا جدل ولا نقاش عقيم فأن المصالح اذا ما ارتبطت وتشابكت ارتبط وتشابك معها مصير امّة وراحت تدافع عن مصالحا ضد اي استحواذ خارجي، واصبح نشيد ( بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغدان.. ومن مصر إلى يمن إلى نجد فتطوان ) هو نشيد يستحق السماع، لان المصالح والمصير ارتبطت به.

حتى اللحظة لا يشعر كثير من العرب انهم من نسل اسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، وهم ينظرون إلى الخلافات والشقاق تعصف بهم، حتى لتضعف الأمة عن إيصال بعض أكياس دقيق أو رز أو زيت إلى أهل غزة المحاصرين، ولا تستطيع أن تفرض إرادتها على اضعف من يتحداها من الدول والتوجهات المناقضة لها، وليس بمقدورها أن تخرج بموقف موحد ازاء الكثير من القضايا وآخرها العدوان الاسرائيلي المتكرر على سوريا ولبنان وغزّة، والذي يكشف عجزا في اتخاذ قرار يمكن ان يغيض العدو اذا لم يرهبه فيتراجع عن جرائمه، أو يحسب لما يفعله ألف حساب كما كان يقول اهلنا .

أملنا كبير في قمة بغداد بأن يخرج الزعماء العرب بموقف يعيد للامة هيبتها، ويعزز تماسكها، هو أمل كبير فبغداد أصالة المواقف والتاريخ.

غاية ما نقول ان ارتباط المصالح هو الذي يشكل ارتباط المواقف، وهو السند والعمد في قيام مستقبل عربي جديد، وما زلنا نرى ما نسمَيه الوحدة الاقتصادية العربية وهي احدى منظمات الجامعة العربية، وحدة من دون وحدة، فاذا ما سعى زعماء العرب إلى ربط اقتصاداتهم ببعضها والخروج بموقف اقتصادي موحد إزاء دول العالم الكبرى، فإن من السهل ان ينظر العالم إلى أمة وليس إلى دول متفرقة يسهل جذبها أو تهديدها.. تلك نظرة لموقف عربي ازاء عالم جعل من الاقتصاد سلاحا قبل سلاح الحروب والتهديدات، فهل لنا فيه مكان؟

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى