مقالات
أخر الأخبار

هدنة غزة وأثرها في الاستقرار الاقليمي

كتب حسين علي الحمداني: طوفان الأقصى شكل منعطفًا كبيرًا في طبيعة الصراع الفلسطيني الصهيوني، وكانت غزة، بوصفها أرض معركة طويلة بقياسات الحروب السابقة، قد شكلت هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة محورًا مهمًا من محاور تشكيل التوازنات، ليس الإقليمية فقط، بل العالمية،

وأعادت طرح قضية فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة من جهة، ومن جهة ثانية فضحت عدوانية الكيان الصهيوني وتجاوزه مفاهيم الحروب التقليدية، وهمجيته في قتل آلاف الأبرياء وتدمير أكثر من 80 بالمئة من البنى التحتية لهذه المدينة.

لهذا، جاءت اتفاقية وقف الحرب في غزة التي وُقعت في منتجع شرم الشيخ، وبحضور الرئيس الأمريكي وعدد كبير من الدول العربية والإسلامية والأوروبية. نقول: جاء هذا الاتفاق ترجمة حقيقية لمطالبات المجتمع الدولي بوقف العدوان الصهيوني، الذي فشل في تحقيق أهدافه، المُعلنة منها والخفية، وبالتالي وجدت قيادة هذا الكيان أنها تفقد يومًا بعد آخر ما كانت تتمتع به من تعاطف أوروبي وحتى أمريكي في الأيام والأسابيع الأولى لمعركة غزة، وهذا التآكل من جرف الكيان الغاصب أجبره على قبول ما كان يرفضه قبل أشهر وأسابيع مضت، وبالتالي وجد أنه لا مناص من قبول مبادرة الرئيس الأمريكي التي رحبت بها الكثير من الدول العربية والإسلامية، وقبلتها حماس عبر الوسطاء، سواء المصريين أو القطريين. وهذا القبول مثل تحديًا كبيرًا لحكومة اليمين المتطرف الصهيوني، التي لم يكن أمامها سوى قبولها وتطبيق بنودها المتفق عليها مع الرئيس الأمريكي.

من هنا، جاء مؤتمر أو لقاء شرم الشيخ بوصفه بداية هدنة من شأنها أن تؤدي إلى استقرار دائم في المنطقة، وهذا الاستقرار لا يمكن أن يحصل إلا بنيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة والتاريخية. وهذا ما عبّر عنه العراق أكثر من مرة منذ بداية حرب غزة، وعبر كل المؤتمرات العربية والإسلامية التي عُقدت في العامين الماضيين، وفي مقدمتها قمة بغداد في أيار الماضي. وبالتالي، نجد حضور العراق قمة شرم الشيخ استمرارًا لدوره المهم في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى سعيه الدائم لتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني، التي حاول الكيان الصهيوني طمسها عبر سياسات الاستيطان المستمرة منذ سنوات طويلة.

لهذا، نجد أن مرحلة ما بعد لقاء شرم الشيخ تتطلب جهودًا عربية كبيرة من أجل تثبيت هذا الاتفاق أولًا، وإيقاف الاستيطان الصهيوني في مناطق غزة، وصولًا إلى الضفة الغربية، ثالثًا، تعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها ممثلًا للشعب الفلسطيني، وإعادة إعمار غزة بما يؤمّن عدم هجرة وتهجير سكانها، كما كانت الأهداف الصهيونية تسعى لذلك.

ومن شأن هذا الاتفاق أن يُعيد بشكل كبير الدور العربي المحوري في القضية الفلسطينية، بعد أن عانت هذه القضية من التشتت في العقود الماضية، مما أدى إلى صراعات كبيرة بين أطرافها. وهذا ما يعني أن الدور العربي الآن سيكون له تأثير كبير في وحدة الرأي الفلسطيني الهادف لاستعادة الحقوق التاريخية لشعبنا في فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى