
كتب حمزة مصطفى.. لا ينبغي اختزال مسألة الرواتب الخاصة بموظفي إقليم كردستان ضمن الدولة العراقية بوصفها لب القضية وجوهرها، إن كان بين بغداد وأربيل أو بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان.
ابتداء وبصرف النظر عن بعض الخطابات الشعبوية هنا وهناك لا توجد أزمة مقصودة بين الطرفين. فلا بغداد تتقصد عدم دفع رواتب موظفيها، سواء كانوا في كردستان أو باقي أنحاء العراق الأخرى، ولا أربيل تسعى للبحث عن مشكلة مع المركز توتر العلاقة بين الطرفين.
هناك عشرات الأدلة على ما نقول لجهة العلاقة الإيجابية إجمالا بين الطرفين، لكن الأزمة تظهر حين يشح المال بسبب تراجع أسعار النفط وهو سلعتنا الوحيدة التي نباهي بها الأمم.
حين يشح المال يبدأ البحث عن الدفاتر المسكوت عنها في الغالب في أوقات الرخاء، مثل الجمارك والمنافذ الحدودية والنفط، وصولا إلى الدستور الذي يعاد نبشه كلما احتاج أي طرف منا، أربيل أو بغداد، إلى العودة اليه بوصفه المرجعية النهائية المصوت عليها شعبيا للطرفين.
وكل مرة ينبش الدستور إلى سابع جد بحثا عن هفوة هنا أو خلل هناك من بين مواده التي صيغ بعضها، لكي تبقى “سكينة خاصرة” كونها حمالة أوجه وقابلة لشتى التأويلات.
والاهم أن معظم مواده المختلف عليها لم تتم صياغتها بقانون نتيجة الخلافات المستمرة بين القوى السياسية.
نحن الآن والعيد على الأبواب على أبواب أزمة بين بغداد واربيل. الأزمة هذه ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة. تصعيد هنا وتصعيد هناك، “مطافر حجي” بين الفضائيات وغالبا بين “شعبويي” الطرفين. لكن في المحصلة تتم التسوية التي ليست لدى الطرفين حلا ثالثا لها.
لكن ماهو الحل الثالث؟، الحل الثالث هو البحث عن جذر الأزمة الذي هو لا في بغداد وحدها ولا في أربيل وحدها. الحل الثالث يكمن في كيفية إيجاد حل ليست لأزمة أسمها الرواتب بل للدولة الريعية.
علينا الإقرار نحن دولة ريعية تعتمد في موازنتها على أكثر من 94% على مبيعات النفط. والنفط بعكس ما يرى الكثيرون ليس ثروة، بل سلعة تخضع لمعايير السوق. الثروة هي حين نستثمر النفط عبر صناعات ثقيلة واستثمارات لا من خلال بيعه عبر “جلكانات” في عرض البحار. الخلاص يكمن في الحل الثالث الذي هو الاستثماري لا بيع وشراء لسلعة ناضبة بينما نحن باقون ونحتاج إلى يوم الدين.. رواتب.