كركوك تستعدّ لترميم معالمها التاريخيَّة وإحياء السياحة الثقافيَّة

أعلنت مفتشية الآثار والتراث في كركوك، اليوم الخميس، استعدادها لتنفيذ مشروع شامل لإعمار اثنين من أبرز معالم المدينة التاريخية، وهما قلعة كركوك ومبنى القشلة، وذلك للحفاظ عليهما من خطر الانهيار والاندثار الذي يهددهما مع تقادم الزمن،لا سيما في ظل غياب أعمال الصيانة والترميم خلال العقود الماضية.
وقال مدير دائرة الآثار في المحافظة، رائد عكلة العبيدي، في تصريح للصحيفة الرسمية وتابعته “المعالي نيوز”، إنَّ وزارة الثقافة شددت على ضرورة إحالة مشروع إعمار قلعة كركوك إلى شركة متخصصة تمتلك خبرة رصينة في مجال تأهيل المباني التاريخية، لضمان الحفاظ على الطابع المعماري التراثي للقلعة، وعدم الإضرار بمكوناتها الأثرية من أقواس وزخارف ونقوش عمرانية، مؤكدًا أنَّ الشركات التي تقدّمت بعروضها من جنسيات تركية وعراقية ومصرية، وسيتم اختيار الأنسب منها بعد دراسة العروض من قبل اللجنة المشرفة على الإعمار.
وأوضح العبيدي، أنَّ مفتشية الآثار والتراث أنجزت أيضًا الكشوفات الخاصة بمبنى القشلة وأرسلتها إلى الوزارة في بغداد، من أجل تخصيص المبلغ اللازم لتأهيله واستثماره سياحيًا، مبينًا أنَّ تمويل المشروع سيتم سحبه من مبالغ الطوارئ، بحسب تأكيدات وزير الثقافة.
وأشار، إلى أنَّ جميع المتطلبات الفنية المتعلقة بإعمار القلعة تم إنجازها، وتم اختيار نماذج محددة من المواقع داخلها لتكون جزءًا من المشروع، وتشمل الكنيسة والجوامع والمدارس الدينية والبيوتات التراثية، إضافة إلى بوابات القلعة وسورها التاريخي و”القبة الخضراء”، وهي معالم تحتاج إلى صيانة تتراوح نسبتها بين (40 – 70 %).
وأضاف، أنَّ دائرة الآثار تملك “ماستر بلان” متكاملًا للقلعة، يحدد بدقة المواقع الأثرية التي تحتاج إلى تأهيل، كما يشدد على استخدام مواد بناء مناسبة ذات خواص تراثية تحافظ على هوية المعمار، وفي الوقت نفسه تضمن متانة تستمر لعقود أمام تقلبات الزمن والظروف الجوية.
ولفت، إلى أنَّ هذا الاهتمام لا يأتي فقط من الجانب الفني، بل لما تمثله هذه المواقع من إرث حضاري يجسّد فصولًا من تاريخ البلاد الغني، إذ احتضنت عبر العصور تطورًا علميًا وعمرانيًا وهندسيًا، فضلًا عن التعايش الديني والثقافي الذي ميّز المدينة.
وفي ما يتعلق بأعمال التنقيب، أوضح العبيدي، أنها متوقفة حاليًا في جميع المواقع الأثرية داخل المحافظة، بسبب عدم توفر التخصيصات المالية اللازمة. غير أنَّ الدائرة، بالتعاون مع شرطة الآثار، تواصل إزالة التجاوزات عند رصدها، وتتبع الإجراءات القانونية بحق المخالفين لضمان حماية الممتلكات الثقافية.
من جهته، قال مدير “بيت المقام العراقي” في كركوك، أحمد فائق، إنهم عرضوا على معالي وزير الثقافة أبرز المعوقات التي تواجه عملهم، وفي مقدمتها عدم توفر مقر ملائم للدائرة، إذ إنَّ المبنى الحالي الواقع داخل القشلة يعاني من التهالك والقدم، ويهدد سلامة العاملين فيه في حال حدوث أي انهيار مفاجئ.
وأضاف، أنَّ الوفد طرح أيضًاً التحديات التي تواجه إقامة الأنشطة المقامية والبرامج الفنية، مطالبًا بدعم مباشر من الوزارة للنهوض بهذا الإرث الموسيقي الذي يُعد جزءًا من هوية المدينة الثقافية.
وأشار فائق، إلى أنَّ الوزير أبدى اهتمامًا واضحًا بالواقع السياحي والتراثي لكركوك، ووعد بدراسة المقترحات والتنسيق مع دوائر الوزارة لوضع حلول عملية تدعم استمرارية الفعاليات الثقافية في المحافظة.
ويأتي هذا الحراك ضمن جهود أوسع تبذلها السلطات المحلية ووزارة الثقافة للحفاظ على المواقع التاريخية في كركوك، وتنفيذ فقرات البرنامج الحكومي الهادف إلى استثمار التراث في دعم الموارد الاقتصادية، عبر تطوير البنية التحتية للسياحة الثقافية، وتنشيط الدور الحضاري للمدن العراقية.