مقالات
أخر الأخبار

غزة المنسيَّة مرة أخرى

كتب علي الخفاجي.. قبل أيام ، انتشــر مقطع فيديوي للممثل العالمي الشهير (ريتشارد غير) وهو يقرأ قصيدة للشاعر محمود درويش، ليعبر فيه عن تضامنه ودعمه للشعب الفلسطيني، حيث قرأ قصيدة مشهورة لدرويش عنوانهــــا ” فكر بغــــيرك ” والتي تسلط الضوء عن المعاناة اليومية التي يمرُّ بها الشعب الفلسطيني على مدى عقود من الزمن.

حيث اختار مقاطع من القصيدة والتي قال فيها؛ وأنت تحضِّر فطورك فكر بغيرك .. لا تنسَ قوت الحمام ، وانت تخوض حربك فكر بغيرك .. لا تنسَ من يطلبون السلام ، وأنت تعود إلى بيتك فكر بغيرك .. لا تنسَ شعب المخيمات ، ويأتي توقيت تلاوة هذه القصيدة تزامناً مع استمرار الكيان الصهيوني بعملياته العسكرية والتهجير القسري لسكان قطاع غزة، والتي حسب قوله لعلها تصل بعيداً وتساعد بإيقاف الحرب.

سبق أن تمت الإشــارة وبمناسبات عدة ، إلى أن العالم ما قبل حادثة 11 أيلول يختلف عن ما بعد الحادثة، إذ إنـه على الرغم من اصطفاف كثير من الدول بجانب سياسة وتطلعات الولايات المتحدة الأميركية درءاً للمشكلات على حدِّ وصفها وتبريراتها ، إلا أنها لم تسلم من الانتقادات والاتهامات، وبذات الوقت هنالك دول وقفت بالضدِّ من أميركــا وسياستها وهذا ما تبتغيه الولايات المتحدة وهو صناعة محاور مناوئة لها، وبالتالي خلق أعداء افتراضيـين لغرض التوغُّل بعيداً لجميع الدول الرافضة لنهج أميركـا، وكذلك توسِّع من سيطرتها الشاملة، وأن تـــُطلع الرأي العام العالمي وتبين لهُ بأنها تريد القضاء على محور الشرِّ أياًّ كان موقعه في جميع أرجاء المعمورة مستغلة استغباء الشعوب التي تؤمن بأنها المخلِّص الأوحد من الاستبداد ، لعل التوهان الذي يعيشه العالم اليوم جرَّاء العقوبات المالية والحروب العسكرية والتهديدات المتكررة بعزل الدول عن محيطها ، يجعل من موضوع قطاع غزة ومعاناتها في محلِّ النسيان ، وهنا لابأس أن نذكِّر بأن أكثر من واحد وخمسين ألفاً سقطوا جرَّاء استمرار العمليات العسكرية الصهيونية إلى يومنا هذا.

الحديث عن عودة الكيان الصهيوني لقصف قطاع غزة وجعله منطقة منكوبة ومعزولة عن العالم على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 كانون الثاني مقروناً ذلك الاتفاق بتبادل الرهائن المحتجزين لدى طرفي النزاع ومن ثم إنهاء الحرب ، لكن سرعان ما خرق الكيان الصهيوني ذلك الاتفاق والذي لم يمضِ عليه أكثر من شهرين إلا وعاودت القوات الصهيونية سلسلة من الغارات الجوية التي راح ضحيتها مئات من القتلى وآلاف الجرحى بالإضافة إلى هدم المباني والدور السكنية ، بالطبع إن ما يجري من أحداث ما هو إلا سلسلة متتابعة قد أُعدَّ لها مسبقاً لتمرير الأجندات وفق مخطط زمني معين هدفه القضاء على ما تبقَّى من أهداف وبالتالي تمرير فكرة الرئيس الأميركــي دونالد ترامب بنقل المتبقِّي من سكان قطاع غزة إلى دولة أخرى.

زيادة الضغط، هو الهدف المنشود من العمليات الأخيرة للكيان على قطاع غزة، لدفعها إلى التنازل عن شروطها المسبقة ، هذا ما أكده رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو في معرض إجابته خلال استضافته في الكنيست الإسرائيلي، حيث اتى هذا الاستجواب نتيجة اشتداد المعارضة الشعبية داخل الكيان الصهيوني على سياسة استمرار الحرب على غزة لأنها وحسب قناعة المجتمع الصهيوني ستولِّد مزيداً من الدمار وردَّات الفعل من طرفي النزاع ،وكذلك اعتراض حزب الديمقراطيين المعارض على سياسة نتنياهو والذي وصف سياسة الحكومة الصهيونية بالسياسة الشعواء ، استمرار مسلسل حرب الإبادة ما هو إلا عملية إعادة ترتيب أوراق اللعبة بنهج وتقسيم جديد، حيث وصفت الضربات الأخيرة على المباني وعلى مخيمات النازحين بأنها الأشدّ ضراوة وفتكـــاً منذ 7 اكتوبر 2024 ،وهو تاريخ بداية الحرب الصهيونية على غزة ، وعلــى ما يبدو فإن الهدنة أو اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم في وقت سابق لم يكن برضا الكيان الصهيوني أو على الأقل تم تحت ضغوطات محلية ودولية، وهو الشيء الذي لم يرق للكيان الصهيوني وعاود ليس فقط ضرب الأهداف المطلوبة حسب ادعائه، لكن هذه المرة لغرض إعادة احتلال القطاع وفق تقسيم جديد أعلن عنه خلال الأيام الماضية بتقسيم القطاع إلى أربعة أجزاء، بهدف زيادة الضغط المباشـر على حماس ، الدعم الأميركــي الحالي للإدارة الصهيونية جعل من فكرة التوسُّع بالاستيطان أقرب للواقع من أي وقت مضى، وأن أي مساع مستقبلية للوساطة الدولية ماهي إلا خطوات دعائية لتهدئة الجمهور المحلي المطالب بصفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب، ولكسب الوقت لتنفيذ مخطط إعادة احتلال قطاع غزة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى