
كتب عبد الزهرة محمد الهنداوي: قرأنا في التقارير والأخبار العالمية أن العالم مقبل على ما يُسمى بـ”ثورة الروبوتات”، خلال سنوات قليلة مقبلة، ربما لا تتعدى عام 2030 التي لا تفصلنا عنها سوى اربع سنوات، إذ سيدخل الذكاء الاصطناعي في صميم صناعة هذه الكائنات الآلية التي ستبدو شبيهة تمامًا بالبشر — رجالًا ونساءً — حتى أن بعض التقارير تتحدث عن إمكانية زواج الإنسان الحقيقي من الروبوت!.
وهذه الحكاية تُذكّرنا بأساطير الجنّيات اللواتي يتزوجن من رجال الإنس، أو نساء الإنس اللواتي يتزوجن من رجال الجن!، لكن هذه المرة ليست محض خرافة، بل واقعٌ تكنولوجيٌّ يتشكل أمامنا، فالكائن الجديد آلةٌ تتحرك بـ(الريموت كونترول)، لكنها تمتلك ملامح بشرية كاملة.
وتذهب بعض التقارير إلى ما هو أبعد من ذلك، فتتحدث عن احتمال أن تُهدد الروبوتات وجود الإنسان ذاته، في مشهدٍ يشبه أفلام الخيال العلمي التي كنا نشاهدها قبل عقود، غير أن ما كان خيالًا، صار اليوم احتمالًا واقعيًا، يُحتم علينا أن نحسن التعامل معه بحكمة ومسؤولية.
فالذكاء الاصطناعي، بحسب الدراسات، قد يتسبب في القضاء على نحو 30 بالمئة من الوظائف والمهن الحالية، لكنه في الوقت نفسه سيسهم بخلق فرص عمل جديدة وهائلة على مستوى العالم، كما أن ميزان القوة بين الدول لن يعتمد مستقبلاً على الدبابات والطائرات، بل على مدى قدرتها على إدارة الذكاء الاصطناعي وتسخيره لخدمة مصالحها.
وها هي “إسرائيل” مثلًا، تخصص نحو 145 مليون دولار لمشروعٍ دعائي ضخم يوظّف الذكاء الاصطناعي في تشكيل الرأي العام الدولي لصالحها!.
والسؤال الذي يفرض نفسه: أين نحن من كل هذا؟ هل وضعنا رؤيةً واضحة لتوطين الذكاء الاصطناعي في بلدنا؟ وهل أعددنا العدة لحجز مكانٍ لنا في هذا السباق العالمي المتسارع؟.
إن الدخول إلى عالم الذكاء الاصطناعي يتطلب أولًا تهيئة البنى التحتية، وفي مقدمتها إدخال الجامعات العراقية كركيزة أساسية في هذا المجال، وقد أحسنت وزارة التعليم العالي صنعًا حين شرعت بفتح أقسام وكليات متخصصة بالذكاء الاصطناعي، ومنحت امتيازات تشجيعية للطلبة الدارسين فيها، لتصبح منافسًا حقيقيًا — وربما متفوقة — على كليات الطب والهندسة التي طالما كانت حلم الأسر العراقية.
وفي الوقت ذاته، علينا تعزيز الأمن السيبراني لحماية بياناتنا من الاختراق أو الاستخدام الضار، ودعم ريادة الأعمال والابتكار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتشجيع البحث العلمي وبراءات الاختراع، مع ضرورة بناء منظومة حوكمة رشيدة لإدارة هذا الملف بحكمة.
غير أن الأهم من ذلك كله، هو إنشاء صندوق وطني لتمويل مشاريع توطين الذكاء الاصطناعي في العراق، لضمان استمرار الجهود وتوجيهها نحو أهداف تنموية واقتصادية واضحة. فمن دون ذلك، سنجد أنفسنا أمام “غولٍ رقميٍّ” عملاق، يبتلعنا قبل أن نتمكن من اللحاق بركب العالم