مقالات
أخر الأخبار

بين شرعية الدولة اللبنانيَّة وشرعية المقاومة

كتب محمد علي الحيدري.. قرار الحكومة اللبنانية تكليف الجيش بإعداد خطة لتوحيد السلاح تحت راية الدولة، ليس تفصيلاً إدارياً ولا خطوة أمنية فحسب، بل مفصلٌ وطني بالغ الحساسية، يلامس جوهر التوازن الذي نشأ في لبنان منذ ما بعد الطائف، واشتدّت تعقيداته مع تصاعد أدوار حزب الله العسكرية داخلياً وخارجياً.

ردود فعل «حزب الله» و«حركة أمل» لم تكن مفاجئة: الحزب اعتبر القرار “خطيئة كبرى” وسيتعامل معه “كأنه غير موجود”، أما حركة أمل فرأت فيه انقلاباً على خطاب القسم، وانسحب وزراؤها مع وزراء الحزب من جلسة الحكومة. ليس في ذلك نزق سياسي، بل إعلان بأن القضية تمسّ جوهر معادلة الردع والدور والهوية.

لكن في المقابل، لا يمكن للحكومة اللبنانية أن تبقى في موقع المتفرّج على تآكل السيادة، في وقت يطالب فيه المجتمع الدولي والدستور الوطني بحصر السلاح بيد الدولة، وتفعيل قرار مجلس الأمن 1701. فهل يمكن إعادة بناء ثقة اللبنانيين والمؤسسات الدولية دون خطوة رمزية وجوهرية مثل

هذه؟.

الهاجس المشروع لدى المقاومة هو: ماذا بعد نزع السلاح؟ ومن يضمن أمن لبنان أمام تهديدات إسرائيل؟ وهل يمكن لجيش يعاني من نقص التمويل والانقسام السياسي أن يتحمّل عبء الدفاع وحده؟ هذه أسئلة واقعية لا بد أن تُجاب ضمن استراتيجية دفاع وطنية تُبنى بالحوار والتوافق، لا بالإملاء والقطيعة.

أما الخطر الأكبر، فهو في فرض قرارات استراتيجية دون توافق وطني، وهو ما قد يهدد الاستقرار الداخلي ويعيد البلاد إلى مناخات الانقسام العمودي التي عرفها لبنان في مراحل مأساوية سابقة.

بين شرعية الدولة وشرعية المقاومة، لا بدّ من جسرٍ ثالث، اسمه “المعادلة الوطنية”، تدمج السلاح ضمن عقيدة الجيش لا ضدها، وتحمي لبنان لا فئة فيه، وتعيد للدولة هيبتها من دون نزع قلبها النابض.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى