مقالات
أخر الأخبار

المحكمة التجارية ودعم البيئة القانونية للاستثمار العراقي

كتب علي حميد الطائي: ينظر إلى البيئة القانونية الخاصة بالاستثمار على أنها مجموعة القوانين والتشريعات، التي تنظم وتتعلق بالاستثمار، وتعد المحكمة التجارية في العراق، أحد الركائز الأساسية في تعزيز بيئة الاستثمار وتحقيق الاستقرار القانوني في المجال الاقتصادي.

في العراق تم استحداث المحاكم التجارية، بهدف توفير بيئة قانونية متخصصة للنظر في النزاعات التجارية والاستثمارية، بما يضمن سرعة حسم القضايا وتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في النظام القانوني.

وقد كان الحديث قبل تشكيل هذ المحكمة حول النقص الكبير في موضع مهم يتعلق بالاستثمار، وهو كيف يتم حسم القضايا الناشئة عن قانون الاستثمار؟ وكانت بالفعل هذه عقبة صعبة تحتاج إلى وقت طويل وإجراءات معقدة بين المحاكم والتنقل بين تخصصاتها الكثيرة ليتم حسم قضية واحدة.

أما اليوم وبعد تنظيم عمل وبناء مقر موحد للمحكمة في كل منطقة استئنافية، فبات الحديث عن حسم القضايا الاستثمارية أمراً سهلاً، لأن هذه المحكمة يقع ضمن عملها حسم القضايا الناشئة عن قانون الاستثمار رقم /13/ لسنة (2006) المعدل، والذي أشار في المادة /27/ منه إلى: “تخضع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى القانون العراقي وولاية القضاء العراقي”.

ونحن في الحقيقة نحتاج إلى هذه المحكمة لعدة اعتبارات منها، وجود جهة قضائية مركزية متخصصة في شأن الاستثمار، عدم ضياع الحقوق، سواء للدولة أو للقطاع الخاص، اكتمال البيئات الداعمة للاستثمار ومنها البيئة التشريعية، رسالة اطمئنان للمستثمرين أن العراق فيه من التشريعات الكافية لحل جميع القضايا التي قد تحصل، رسالة دولية لجذب الاستثمارات الخارجية التي جلّ بحثها عن الاستقرار القانوني المنظم لعمل الاستثمار.

وتتمتع المحكمة التجارية بصلاحيات واختصاصات محددة وفق القوانين النافذة، ما يجعلها الجهة المختصة للفصل في الدعاوى ذات الطابع التجاري.

وقد تم استحداث هذه المحكمة في العراق بموجب بيان مجلس القضاء الأعلى رقم /29/ لسنة (2024)، وإلغاء جميع البيانات السابقة، وذلك استجابةً للحاجة إلى قضاء متخصص يُسهم في تسريع حسم النزاعات التجارية ودعم بيئة الأعمال.

أمّا اختصاص المحكمة التجارية في العراق فيكون على قسمين، الاختصاص النوعي (الموضوعي)، حيث تختص المحكمة التجارية بالنظر في القضايا التي تنشأ بين التجار أو الشركات أو المؤسسات المالية، وتشمل:

المنازعات المتعلقة بالعقود التجارية، مثل عقود البيع، والشراكة، والمقاولات التجارية.

النزاعات بين الشركات التجارية، بما في ذلك الخلافات المتعلقة بالإدارة أو التصفية أو الإفلاس.

القضايا المتعلقة بالاستثمار، بما في ذلك النزاعات الناشئة عن الإجازات الاستثمارية أو العقود الاستثمارية وفقاً لقانون الاستثمار.

النزاعات المتعلقة بالأوراق التجارية، مثل الشيكات والكمبيالات والسندات التجارية.

الدعاوى الناشئة عن المعاملات المصرفية والتمويل التجاري.

المنازعات الخاصة بالوكالات التجارية والامتياز التجاري.

قضايا المنافسة غير المشروعة وحماية حقوق الملكية الفكرية ذات الطابع التجاري.

أمّا القسم الثاني فهو الاختصاص المكاني (الإقليمي) حيث يكون الاختصاص للمحكمة التجارية في العراق في المكان، الذي يقع فيه مقر الشركة أو مكان تنفيذ العقد أو مكان حدوث النزاع التجاري.

في حالة النزاعات بين شركات أجنبية ومستثمرين عراقيين، قد يكون الاختصاص للمحكمة التجارية في بغداد أو أي محكمة تجارية أخرى تحددها القوانين ذات العلاقة.

وفي النهاية تُعد المحكمة التجارية في العراق، من الأدوات القانونية المهمة في تطوير بيئة الأعمال وتعزيز ثقة المستثمرين في النظام القضائي، ومن خلال اختصاصاتها الواسعة وإجراءاتها المتخصصة، تسهم في توفير مناخ قانوني مستقر يُساعد في تحقيق التنمية الاقتصادية، وجذب الاستثمارات، وحماية الحقوق التجارية وفقاً لأفضل الممارسات القانونية، وتقطع الطريق أمام دعوى عدم اكتمال البيئة القانونية المنظمة للعمل الاستثماري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى