مقالات
أخر الأخبار

التعليم أزمة أم نعمة؟

كتب هاني عاشور.. ربما نحن مع قلّة من الأمم حين نتحدث عن موضوع العلم والتعليم، نتحدث عن أزمة وليس إنجازا، وحين نطرق باب العلم يقفز إلى أذهاننا عن غير قصد انتشار الامية في بلادنا العربية وتراجع التعليم بكل مستوياته على الرغم من أننا من أكثر الامم ربطا بين العلم والمعتقد، فكلمة العقل أو الفكر أو العلم ومشتقاتها من اكثر الكلمات المذكورة في كتابنا الكريم (القرآن)، ومن العقل والفكر والعلم ينطلق نور المستقبل، فلا تتراجع أمة عن أهدافها، التي تطمح اليها وتسابق الامم الاخرى .

وربما هذا الارتباط هو أقوى محفز لتطوير العلم عندنا ومعطياته، إلا أنه لم يحظ بالتركيز في العملية العلمية.

ربما لأننا ما زلنا نرى أن التعليم هو (تلقين)، وليس اكتشاف، فالاكتشاف هو محور التفكير والتلقين هو مغارة التخلف لذلك نعتقد أن أول خطوة لربط العلم بالدين هو الاكتشاف، وهكذا كان نبينا ابراهيم الخليل عليه السلام (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) هكذا بدأت رحلة الاكتشاف لينير الله قلب ابراهيم علية السلام، لانه بادر بمحاولة الاكتشاف والرحلة إلى الايمان .

ان أول محاور الاكتشاف هو اطلاق السؤال، السؤال هو رحلة اطمئنان تبدأ من البحث ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أولَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ ) لندرك أن العلم هو البحث عن الطمأنينة، ولنعلّم أجيالنا ذلك لخلق مجتمعات مطمئنة، قادرة على ان تؤمن وتضحي وتعمل من أجل ما تؤمن به .

أعتقد أن رفع الكفاءة للمتعلمين هو بفسح مجال الاسئلة، ووضع منهج خاص للانطلاق من السؤال للاكتشاف وترسيخ العلم، كما كان يفعل ابو حيان التوحيدي الذي كان ينطلق من السؤال لإبداع فكرة .

ان السؤال هو مفتاح طلب العلم، قبل تلقين الفكرة التي غالبا ما يثبت العلم خطأ كثير من الافكار التي لا تنسجم مع الواقع المعاش، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو التكنلوجيا التي تتسارع بإنجازاتها، أو في كل ميادين العلوم الاخرى في عالمنا الحاضر.

وكما يقول اساتذتنا الكبار (ان السؤال رغبة في العلم، اما التساؤل فهو اسلوب في التعلم) فكم نحتاج من معرفة الرغبة لتقييم الاداء، ومن معرفة التساؤل لتدريب المتعلمين .

أعتقد أن فكرة توسيع أذهان التلاميذ من خلال الاسئلة، هو منهج يمكن أن يطلق ابواب العلم، لا أن تكون مدارسنا وجامعاتنا قاعات تلقين، وقمع التلميذ بقبول كل ما يقال كحقائق مسلم بها.

من هنا ادعو إلى جعل الربط بين العلم والدين ينطلق من خلال التفكير، وقال تعالى (كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) .

وأحسب أن مشروع التنمية وتحسين مستوى المعيشة، ورفاهية الحياة وتوفير الوظائف، وجودة التعليم والصحة من أهم الأمور التي تحقق رضا الناس، والذي بدوره يحقق استقرار الأوطان، ويجنبها التدخلات الخارجية والفوضى.

ولعل من أدق ما تقوله لنا تجربة الصين هو أن الناس لا تعترض على “كعكة الثروة” بل تريد حصة أكبر من هذه الكعكة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى