مقالات
أخر الأخبار

الانتخابات وبناء دولة المواطنة

كتب وجدان عبد العزيز: لو أدركنا ماهية المواطنة، لوجدنا أمامنا ميزان عدالة يتمثل بعضوية الفرد لذلك البلد، وما يتمتع به من امتيازات، هذه كفة، أما الكفة الثانية التي تعادل ميزان المواطنة، فهي الالتزامات المفروضة على الفرد، أي الفرد وميزان الحقوق والواجبات.

وهذا يحيلنا إلى قيام الدولة الحديثة، التي تُبنى على مبدأ المساواة الكاملة بين جميع مواطنيها، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، وتسمى دولة المواطنة، والشاغل لهذه الدولة، هو إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، بحيث لا تشغلهم هموم الذات عن أمور الصالح العام، وهذا يؤدي إلى التفاف الناس حول مصالح وغايات مشتركة، بما يؤسس للتعاون والتكامل والعمل الجماعي المشترك، إذن قيمة المواطن والمواطنة، هي الأسمى في خلق علاقة تواصلية بين الشعب والسلطة، ولاسيما في الدول الديمقراطية، حيث تحولت فيها بوصلة بناء مجتمع مؤسساتي مدني على أساس المواطنة، كونها تُشكل عضوية فاعلة، تعكس حق التمثل للجماعة، أو لعدة جماعات من خلال الانتخاب الحر النزيه، لتلك الشخصية، أو هذه، وعلى أساس بناء قاعدة الحوار وفق أسس دستورية.

لكن ما يحدث عندنا في العراق من هوس ولهاث في تأسيس الأحزاب والحركات قُبيل الانتخابات، مما يخلق فوضى البرامج وتشابه المعطيات، وهذا لا يعكس روح المواطنة، التي تتجلى في بناء مؤسسات دستورية مدنية، ونعتقد هو لهاث وراء السلطة ومغرياتها، لذا نجد ولادة الحكومة التي تخرج من رحم الانتخابات بهذه الكيفية، قد توقفت برامجها على الأوراق والإعلانات السياسية، فالمشكلة يجب تكون البرامج واقعية تحمل روح المواطنة، أي أنها تحمل هموم الوطن واحتياجات المواطن، ورافضة للمصالح الشخصية الضيقة، التي تحمل عقدة التمسك بالسلطة ضمن الأفكار الدكتاتورية والمصالح الذاتية، والتعكز على الطائفية والقومية بعيداً عن المواطنة وبناء دولة المؤسسات، والابتعاد عن الخروقات الدستورية والتي لاحظناها طوال فترة الحكومات السابقة .. مما خلق دعوة للمواطن أن يركن إلى البيت والجلوس وعدم الخروج إلى الانتخابات.

لكن دعوة العقلاء والحريصين على الوطن وتجربته الديمقراطية الفتية، تركز على تفويت الفرصة والخروج إلى الانتخابات والاختيار الحر للشخصية، التي يُتوسم بها البناء والإعمار، وقد اقترب زمن سقوط السياسيين الفاسدين، ومعاقبتهم والقضاء على آفة الفساد، مثلما قضينا على آفة الإرهاب وإعادة إحياء الضمير الأخلاقي والوطني، فنحن بحاجة إلى سيادة القيم الأخلاقية، التي تحدد السلوك الانتخابي الإنساني ومن خلالها، أي القيم الأخلاقية ـ يتم الحكم على الأفعال.

فلابد من استعمال لغة تستوعب هذه القيم وإيصالها للمتلقي بصدق وثقة، بحيث تكون فعلاً وسلوكاً، وتكون اللغة معبرة عن هوية الفرد والمجتمع، ومتناغمة مع البناء النفسي والاجتماعي لقضية الانتخابات، لأنها تحدد مصير البناء الديمقراطي.. فالانتخابات يجب أن تقوم على أساس الاختيار الصحيح، ومؤكد الاختيار الصحيح في الانتخابات يعزز قدرة الحكومة القادمة على الضرب بقوة القانون على أيدي الفاسدين والمخربين، المرتدين جلباب الديمقراطية، وهم بعيدون كل البعد عن الوطن والوطنية، التي تكرسهما الديمقراطية، وهكذا قد ضمنا جميع مواطنينا دخولهم تحت خيمة الوطن بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والطائفية والقومية، واستناداً للمادة الدستورية المرقمة (14)، التي تقول: (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى